أحيت تونس الذكرى التاسعة لثورة الحرية والكرامة، حيث شهد الشارع الرمز، شارع الحبيب بورقيبة، احتفالات على امتداده بدءا من تقاطع فرنسا وصولا إلى تقاطع شارع الجمهورية
هي احتفالات كانت أشبه بالحملات الانتخابية أكثر منها إحياء لذكرى سقوط نظام زين العابدين بن علي. شباب وشابات، رجال وكهول هنا وهناك وخيام بينها الحواجز الحديدية تحت رعاية امنية مشددة، كل انتصب أينما وجد ضالته، إما مع الغناء، أو مع الانتماء، وأعلام تونسية ترفرف هناك على أناشيد حزب حركة النهضة، وهنا على أهازيج دولة الخلافة لحزب التحرير، وبينهما كان صوتا الشيخ إمام وجوليا بطرس يصدحان بحماسة المنطلق نحو أهداف حققها وليست شعارات جوفاء.
مزيج من الهتافات والأغاني، أشبه بفسيفساء احتفالات النصر، لكن من ضد من؟ لابد أنهم يعرفون...فإذا كانت أعلام الدولة الفلسطينية وشعارات تجريم التطبيع مع إسرائيل على مرمى حجر من حركة النهضة، كان حليفهما التركي حاضرا سلبا وايجابا.
فعلى جنبات الاحتفالات كانت المسيرات، ضد التواجد التركي في ليبيا، وضد رئيس مجلس نواب الشعب، وزعيم الحركة الإسلامية، راشد الغنوشي، وهتافات برحيله عن المجلس، بعد زيارته إلى أردوغان، لكن شقها ثورة العاطلين أو المعطلون عن العمل كما يهتفون.
هي احتفالات ليس لديها ما تعدد من مكاسب طوال تسع سنوات مضت، لكن الماضي القريب، يدل على أن شيئا ما يُبنى، وما أدل على ذلك مما شهده مجلس نواب الشعب، الذي أطاح بأول حكومة منذ الثورة.
نعم، هناك أركان تقام للديمقراطية، وهناك تآكل للحركة الإسلامية، وبين أمل يبنى وهاجس يموت، تستمر حياة الشعب التونسي، مع أسعار حارقة، وبطالة مستفحلة، وهجرات انتحارية غير نظامية، وبينما يضيق به الحال، لكنه يحيى في انتظار انفراجة من ظن أنها لن تُفرج.
هي ذكرى سقوط نظام، وشعب يحتفل بالحرية، وجيل شب على الديمقراطية، يحدوه الأمل، فكل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج.