ستلايتس / تونس ريم شاكر
إلى وقت غير بعيد كان قطاع التعليم الخاص في تونس بمختلف فروعه من رياض الأطفال إلى التعليم العالي مرورا بمراحل الأساسي والإعدادي والثانوي ينتمي إلى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية . وقد ظلّ في " ضيافة " هذه المنظمة حوالي عشر سنوات أو أكثر ثم أعلن انفصاله عنها من خلال تكوين هيكل آخر يدعى " الاتحاد التونسي لأصحاب المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم والتكوين".
ورغم حصوله على التأشيرة فإن عملا كبيرا ما زال ينتظر هذا الهيكل الذي يريد مؤسسوه أن يكون له شأن وكلمة في كل ما يتعلّق بقطاع التعليم الخاص في البلاد بمختلف درجاته وتفرعاته . ولعلّ ما يمن ملاحظته أيضا وجود العديد من العراقيل التي تحول دون تحقيق الأهداف التي بعث من أجلها الاتحاد وهي أهداف عديدة يمكن تلخيصها في جعل كافة مراحل التربية و التعليم والتكوين في هيكل واحد مختصّ نظرا إلى الشواغل المشتركة بين كافة فروع التربية والتعليم والتكوين والدفاع عن مصالح القطاع بما تخوله القوانين ومن خلال الاستعانة بالخبراء والكفاءات والإصغاء إلى كافة شواغل المهنيين وتذليل الصعوبات التي تعترضهم بالمرافقة والتأطير والتكوين ... والعمل على نسج علاقات متينة مع وزارات الإشراف وهي وزارة المرأة ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التكوين المهني والتشغيل ... والعمل على إبراز خصوصية القطاع خاصة من الناحية الإعلامية والاتصالية والعمل على تحقيق أكثر ما يمكن من مكاسب والاستفادة مما أتاحته التعددية النقابية والعمل على رد الاعتبار إلى القطاع وأصحابه وإعطاء الصورة الحقيقية عنه لدى الرأي العام وكافة الأطراف المعنية من خلال التأكيد على الهوية التربوية وإبراز دوره في التنمية بكافة فروعها وأبعادها.
أما الأسباب التي جعلت أهل المهنة ينسلخون عن منظمة الأعراف فتبدو منطقية ومعقولة حسب السيد عبد اللطيف الخماسي رئيس " الاتحاد الجديد " الذي أضاف قائلا : " لقد أجبرنا في عهد النظام السابق على الانضواء تحت راية منظمة الأعراف التي ظللنا تحتها عديد السنوات . إلا أن التجربة لم تنجح في إبراز خصوصيات قطاعنا وفرض وجوده كمكوّن أساسي للمنظومة التربوية والتعليمية والتكوينية بما جعل الحاجة ملحّة إلى تكوين هيكل خاص ومستقل يعيد الاعتبار إلى القطاع . وقد أدركنا أن بقاءنا تحت راية منظمة الأعراف بعد 14 جانفي 2011 لم يعد ممكنا لعدّة أسباب لعلّ أهمها خصوصية القطاع من حيث الأهداف والنشاط والمنتوج لأننا نساء ورجال تربية بالأساس نستثمر في الذات البشرية ونصنع الأجيال إضافة إلى عدم التواصل بين مختلف مكونات القطاع ( رياض أطفال ومدارس تعليم أساسي وإعدادي ومعاهد التعليم الثانوي ومؤسسات التعليم العالي ومؤسسات التكوين المهني ) نظرا إلى وجود غرف مستقلة بعضها عن البعض الآخر وإدراكنا بعد طول تجربة أن وجودنا في هيكل يهتمّ أساسا بالصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يجعلنا على هامش اهتماماته وأولوياته ... وعجزنا من خلاله عن تحقيق أي مكسب طيلة الفترة التي قضيناها صلب اتحاد الصناعة والتجارة الذي نكن له كل الاحترام وعدم وجود أي مبرر لبقائنا تحت راية اتحاد متعدد القطاعات والشواغل والأهداف في ظل ما أتاحته الثورة من تعددية نقابية . كما أن وجودنا في منظمة الأعراف وتصنيفنا ضمن رجال الأعمال الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير طمس أهمّ معالم هويتنا في أبعادها التربوية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وجعل الرأي العام والعديد من المسؤولين الإداريين لا يرون من نشاطنا إلا الجانب المادي ولا ينظر إلينا إلا كرجال أعمال أثرياء وهذا ما غيّب إبراز خصوصياتنا كرجال تربية وتعليم وتكوين في كافة المفاوضات التي تجمعنا بوزارات الإشراف وغيرها.
ومن أجل بلوغ هذه الأهداف وضع الاتحاد خطة عمل واستراتيجية واضحتي المعالم والخطوط تهم المرحلة القادمة التي يدرك أهل القطاع أنها صعبة وتتطلب تكاثف جهودهم وتوحّدهم بما يخدم مصلحتهم جميعا . وأكّد رئيس الاتحاد في مصافحة أولى معه هذا اليوم أن الكثير من الناس والمسؤولين في مستويات مختلفة يحملون أفكار مسبقة وبعضها سلبي عن قطاع التعليم الخاص وأن على أهل المهنة أن يثبتوا من خلال اتحادهم هذا أن الواقع عكس ما يشاع تماما وأن التعليم الخاص جزء هام من منظومة التعليم في تونس وأنه يوجد في هذا القطاع نساء ورجال لهم من الخبرة والكفاءة ما يسمح لهم بالمساهمة مع الدولة وكافة من يهمهم أمر التعليم في البلاد في الإصلاح الضروري الذي يقوم عليه مستقبل الأجيال.
وبكل تأكيد ليست الطريق مفروشة بالورود أمام هذا " الوليد " بل هناك مشاكل منتظرة ومعارضون منتظرون ومصالح متشابكة وبرامج ومن هم مع ومن هم ضد إلى غير ذلك من محاور تتعلّق بهذا القطاع وبهذا الاتحاد سنعود إليها من خلال حوار شامل أجريناه مع السيد عبد اللطيف الخماسي رئيس الاتحاد في أقرب فرصة ممكنة