بدأ أول وفد من طالبان يزور أوروبا منذ عودة الحركة إلى السلطة في أفغانستان محادثات الأحد مع ممثلين عن المجتمع المدني الأفغاني تتمحور حول مسألة حقوق الإنسان، وفق ما أعلنت الخارجية النروجية.
ومن المقرر أن يكرّس الوفد الذي يقوده وزير خارجية حكومة طالبان أمير خان متقي اليوم الأول من الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام لعقد محادثات مع ناشطات وصحافيات وغيرهن، قبل الاجتماع مع دبلوماسيين غربيين الاثنين والثلاثاء.
وفي زيارتهم الأولى إلى أوروبا منذ أن عادوا إلى السلطة في آب/اغسطس، سيلتقي عناصر طالبان مسؤولين نروجيين إلى جانب ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.
ويقود وزير الخارجية أمير خان متقي وفد طالبان.
وذكر مسؤول في الخارجية الأمريكية أن جدول أعمال الاجتماع سيشمل "تشكيل منظومة سياسية ممثلة (لجميع الأفغان) والتصدي للأزمتين الملحتين الإنسانية والاقتصادية، والمخاوف المرتبطة بالأمن ومكافحة الإرهاب، إلى جانب مسألة حقوق الإنسان، وخصوصا تعليم الفتيات والنساء".
وأطيح حكم الحركة الإسلامية المتشددة في 2001، لكنها عادت إلى السلطة في آب/اغسطس مع استكمال القوات الدولية انسحابها النهائي من أفغانستان.
وقال الناطق باسم الحكومة ذبيح الله مجاهد لفرانس برس السبت إن طالبان تأمل بأن تساهم المحادثات في "تبديل أجواء الحرب (...) إلى وضع سلمي".
ولم تعترف أي دولة بعد بحكومة طالبان. وشددت وزيرة الخارجية النروجية أنيكين هويتفيلدت على أن المحادثات "لن تمثل شرعنة لطالبان أو اعترفا بها".
وأضافت "لكن علينا التحدث مع السلطات التي تدير البلاد بحكم الأمر الواقع. لا يمكننا أن نسمح للوضع السياسي بأن يؤدي إلى كارثة إنسانية أسوأ".
وتدهور الوضع الإنساني في أفغانستان بشكل كبير منذ آب/اغسطس.
وتوقفت فجأة المساعدات الدولية، التي كانت تموّل حوالى 80 في المئة من ميزانية أفغانستان، فيما جمّدت الولايات المتحدة أصولا بقيمة 9,5 مليارات دولار في المصرف المركزي الأفغاني.
في الأثناء، قفزت معدلات البطالة ولم تُدفع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي منذ أشهر بينما شهدت البلاد موجات جفاف عدة.
واليوم يهدد شبح الجوع 23 مليون أفغاني أي ما يعادل 55 في المئة من السكان، وفق بيانات الأمم المتحدة، التي تشير إلى أنها تحتاج إلى 4,4 مليارات دولار من الدول المانحة هذه السنة للتعامل مع الأزمة الإنسانية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة "سيكون من الخطأ إخضاع الشعب الأفغاني لعقاب جماعي لأن السلطات بحكم الأمر الواقع لا تتصرف بشكل مناسب".
وقال الممثل السابق للأمم المتحدة في أفغانستان كاي إيدي لفرانس برس "لا يمكنني مواصلة توزيع المساعدات بشكل نلتف فيه على طالبان". واضاف "إذا أردت أن تكون فعالا، فيجب إشراك الحكومة بطريقة أو أخرى" في عملية توزيع المساعدات.
وما زال المجتمع الدولي بانتظار معرفة كيف ينوي المتشددون الإسلاميون حكم أفغانستان من خلالها، بعدما ضربوا بمسألة حقوق الإنسان عرض الحائط إلى حد بعيد خلال ولايتهم الأولى بين 1996 و2001.
وتصر طالبان على أنها باتت أكثر اعتدالا، لكن النساء ما زلن محرومات إلى حد كبير من العمل في القطاع العام فيما بقيت المدارس الثانوية بمعظمها مغلقة أمام الفتيات.
يتوقع بأن يلتقي وفد أفغانستان في اليوم الأول من المحادثات المغلقة في أوسلو بممثلين أفغان عن المجتمع المدني وشخصيات نسائية رائدة وصحافيين.
وقالت وزيرة المناجم والنفط الأفغانية السابقة نرجس نيهان التي تقيم حاليا في النروج إنها رفضت دعوة للمشاركة. وصرحت لفرانس برس أنها تخشى من أن تؤدي المحادثات إلى "تطبيع طالبان (...) وتقويتها بينما لا يمكن أن تتغير إطلاقا".
وأضافت "إذا نظرنا إلى ما حدث في محادثات السنوات الثلاث الماضية، تواصل طالبان الحصول على ما كانت تطالب المجتمع الدولي والشعب الأفغاني به، فيما لم يقدّموا هم أي شيء من جانبهم".
وتساءلت "ما هو الضمان هذه المرة بأنهم سيوفوا بتعهداتهم؟"، مشيرة إلى أن ناشطات وصحافيات ما زلن موقوفات.
كما انتقد داوود مراديان مدير "معهد الدراسات الاستراتيجية الأفغاني" الذي نقل مقره من أفغانستان، مبادرة النروج للسلام التي تجري بما يشبه "أسلوب المشاهير".
وقال إن "استضافة عناصر بارزين من طالبان يثير الشكوك حيال الصورة العالمية للنروج كبلد معني بحقوق النساء، عندما شرّعت طالبان فعليا +أبارتايد+ (فصل عنصري) على أساس الجنس".
ولدى النروج سجلا طويلا في لعب دور وساطة في النزاعات بما في ذلك في الشرق الأوسط وسريلانكا وكولومبيا.