يوم 23 افريل 2021 ،ضرب الارهاب في فرنسا مجددا وذلك بدعوى "الجهاد". فقد اغتيلت بوحشية ستيفاني م. وهي موظفة بدائرة الشرطة في رامبويي، التابعة لمقاطعة ايزيفلين ، وهي ذات المقاطعة التي شهدت منذ زمن ليس بعيد اغتيال ساموايل باتي ، استاذ التاريخ والجغرافيا، والارهابي قاتل الضحية ستيفاني هو تونسي مقيم بفرنسا.
و اذ ندين، نحن التونسيات والتونسيون المقيمون بفرنسا واوروبا ، بكل شدة هذه
الجريمة الارهابية البشعة ، فإننانتقدّم بتعازينا الحارّة لأبناء الضحية وعائلتها وكافة زملائها.
ولا يسعنا ،كتونسيات وتونسيين ومزدوجي الجنسية التونسية-الفرنسية والمنتمين الى منظمات مجتمع مدني، الا التعبير عن استيائنا الشديد وغضبنا العارم امام تعدد العمليات الارهابية ، لا سيما عندما يكون مرتكبوها تونسيين.
صحيح ان هؤلاء الارهابيين لا يمثلون الا فئة ضئيلة مقارنة بمئات الالاف من التونسيات والتونسيين الذين يعيشون ويعملون بسلام في فرنسا، لكن المؤسف هو تكرار تورّط تونسيين في عمليات واغتيالات ارهابية على الاراضي الفرنسية.
وقد جاءت هذه الهجمات والاعتداءات الارهابية لتذكيرنا بان تونس ، هي ايضا، تتعرّض منذ مدّة ، وخاصة خلال السنوات الاخيرة الى الارهاب الجهادي والاغتيالات السياسية.
و ان كان اعتقادنا راسخا بان الارهاب لا جنسية ولا وطن له في زمن تسوده الاضطرابات ، فان تواتر الاعتداءات الارهابية على ايادي تونسيين في عديد الدول لا يمكنها الا ان تثير قلقنا.
الى ذلك ، نشعر ، نحن التونسيات والتونسيون سواء المقيمين في فرنسا أو في أوروبا ، وكذلك الشأن بالنسبة للأغلبية الساحقة من المواطنات والمواطنين ونشطاء المجتمع المدني في تونس ، باننا جدّ معنيين ، لأننا لا نرى اية مبادرة جدية ولا ارادة حقيقية لدى السلطات التونسية لمكافحة هذه الظاهرة والقضاء نهائيا على هذا "السرطان" الخبيث ، هذا اذا ما استثنينا الاعلان عن المواقف المبدئية.
حيث لابد ان ندرك ان الانجراف وراء التيارات المتطرفة والجهادية يجد جذوره العميقة خاصّة في تخلي الدولة عن مسؤولياتها الاساسية في التعليم والصحة والشغل والثقافة والعدالة الخ...تاركة شرائح كاملة من المجتمع واجهزة الدولة فريسة للأيدولوجيات المتطرفة والشبكات الارهابية.
فالثمن الذي دفعه عشرات الضحايا عبر دماءهم التي اريقت على التراب التونسي في مواجهة الشبكات الاسلامية المتطرفة لا يجب ان يعفيالمجتمع التونسي من طرح تساؤلات حقيقية حول الطريقة التي ادارت بها قيادات البلاد السياسية ، ابتداء من رئاسة الجمهورية ومرورا برئاسة الحكومة ووصولا الى مجلس النواب الشعب، معركة مواجهة الارهاب ، وهي ذات المعركة التي شلّتها مناورات الاسلام السياسي المستمرّة.
ولا يجب ان يكتنف المعركة ضد الارهاب الغموض، مثلما هو سائد اليوم في اغلب الاحيان: فأصحاب هذه الأيديولوجيات السلفية المتطرفة يمتلكون امكانيات مالية ضخمة ولهم حواضن جمعياتية واعلامية وادارية وسياسية تضمن لهم الحماية.
لذا ندعو بشدة السلطات التونسية وكل الطبقة السياسية هناك لإجراء حوار وطني حقيقي حول الارهاب وفقا لروح ونص الدستور.
وفي نفس الان، نستنكر كل اشكال الحشر والخلط والوصم التي ما فتئ يلاحق بها دعاة الكراهية مجمل التونسيين في فرنسا وفي كل البلدان المضيفة، والتي تدعمها وتغذيها المبادرات السياسية والتشريعية (مثل مشروع القانون حول الانفصالية..) ، كل ذلك في مناخ يتسم بالاستفزاز والتوتر البالغ مما يؤدي الى مزيد الكراهية ومشاعر الاحباط المميتة.