تدخل رئيس تونس، قيس سعيد في الوقت المناسب لسحب البساط من تحت أقدام حزب حركة "النهضة" الإسلامي، الذي كان يحضر لما يشبه الإنقلاب الناعم تحت مظلة الدستور والبرلمان، فما كان من استاذ القانون الدستوري أن يربح الموقعة في إنتظار أن تسفر الأيام القادمة عمن تؤول الغلبة في نهاية المعركة السياسية التي تدور رحاها في أروقة مجلس نواب الشعب التونسي.
هي معركة بقاء للحزب الإسلامي، حاول خلالها أن يقود المشهد السياسي ويعود إلى سالف قوته التي فقدها خلال تسع سنوات بعد سقوط النظام في تونس، حيث قدم لائحة لوم لسحب الثقة من رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، حتى يكون من حق الحزب أن يختار من سيخلفه، بينما قام رئيس الجمهورية بإقالة الفخفاخ، حتى لا يفقد حقه في اختيار البديل، والحق في حل البرلمان، والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة إذا لم ينال البدل ثقة نواب الشعب.
الخطوة التي أقدم عليها رئيس الجمهورية جعلت حزب حركة "النهضة" كخيمة تتطاير اوتادها، خاصة أن خمسة أحزاب بقيادة الحزب الدستوري الحر، ورئيسته، عبير موسي اتخذت الإجراءات الرسمية لسحب الثقة من زعيم الحزب، رئيس مجلس النواب، راشد الغنوشي. و
ساعات بعد أن قام إلياس الفخفاخ بتقديم إستقالته إلى رئيس الجمهورية، وقبولها، بدأت الإجراءات الانتقامية من جانب رئيس الحكومة المستقيل، والذي أصبحت حكومته قائمة بتصريف الأعمال، حيث أقال كافة وزراء حزب حركة "النهضة" وتعويضهم بمتصرفين إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
هذا الإجراء تخشى حركة "النهضة" من أن يكون بداية لإقالة كافة تابعيها داخل مرافق الدولة، وتقليم أظافر الحركة الإسلامية، حتى إذا ما تم حل مجلس نواب الشعب، وخروجهم المتوقع من السلطة في الانتخابات القادمة، لا يستطيعون العبث بمصالح الدولة.
الجدير بالذكر أنه رئيس الجمهورية يجب أن يقترح بديلا لإلياس الفخفاخ خلال عشرة أيام، وأن يمنحه مهلة ثلاثين يوما لتشكيل الحكومة وعرضها على مجلس النواب، بينما العطلة البرلمانية على الابواب بما يجعل الوقت ضيقا للوصول إلى نتيجة واضحة للمرحلة الحالية.
مناورة سياسية يعلم خفاياها من يحيكها وراء كواليس قصر قرطاج بالتعاون مع رئيس الحكومة المقال، إلياس الفخفاخ، من ناحية، ومن ناحية أخرى، أحزاب تسعى إلى إزاحة راشد الغنوشي من قمة السلطة التشريعية، لتجد الحركة الإسلامية في تونس نفسها محاصرة بين هذا وذلك، دون أن ننسى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يقف بالمرصاد، وسط أزمة اقتصادية طاحنة تضرب البلاد، ومخاوف من موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا، مما يضع تونس أمام مصير غامض.