يحتل الراحل محمود عبدالعزيز المقدمة في طابور المبدعين، منحه الله موهبة فطرية وحضورا كبيرا؛ لذا تربع في قلوب الملايين بأعمال فنية خالدة ومهما مرت الأيام وتعاقبت السنوات لن تسقط من وعاء الذاكرة. وفي ذكرى رحيل "الساحر" محمود عبدالعزيز في 12 نوفمبر، نسترجع محطات مهمة في مشواره الفني، ونقف أمام اختياراته الذكية. ولد "الجنتل" في 4 فبراير بحي الورديان بمحافظة الإسكندرية، بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، وعلى خشبة مسرح الجامعة أعلن موهبته الفنية وعشقه للتمثيل؛ إذ شارك في عدد كبير من العروض ولكنه لم يفكر طوال هذه المرحلة في احتراف التمثيل.
حصل "الساحر" على ماجستير في تربية النحل وبدأ يختار هذا المجال طريقا لكسب رزقه وشاءت الأقدار أن يلتقي المخرج الكبير نور الدمرداش في أحد مسارح الإسكندرية ونشأت بينهما صداقة، ورشحه الدمرداش بعد ذلك للمشاركة في مسلسل "الدوامة" إنتاج عام 1973، ثم شارك في العام التالي في بطولة فيلم الحفيد أمام محمود ياسين وعبدالمنعم مدبولي. وابتسم له الحظ بعد فيلم "حتى آخر العمر" عام 1975؛ حيث راهنت عليه شركات الإنتاج ودفعت به كبطل قادر على مغازلة شباك التذاكر، وكانت فترة الثمانينيات بداية نضج "محمود عبدالعزيز" حيث ابتعد عن الأفلام التجارية تماما وراح يبحث عن أعمال جادة في الفكرة والمحتوى، ومن أشهر الأعمال التي قدمها في تلك الفترة "العار، الكيف، عفوا أيها القانون، البريء، جري الوحوش، الصعاليك، الكيت كات"، على شاشة السينما ومسلسل "البشاير" على شاشة التلفزيون.
في عام 1987 اعتذر الزعيم عادل إمام عن بطولة مسلسل "رأفت الهجان" للكاتب الراحل صالح مرسي، ووقع اختيار الشركة المنتجة على محمود عبدالعزيز الذي استثمر الفرصة جيدا وقدم من هذا العمل الناجح 3 أجزاء، وعلى الرغم من التوهج على شاشة التلفزيون لم يهمل الساحر السينما وقدم عبر شاشتها أفلاما مهمة مثل "إبراهيم الأبيض، ليلة البيبي دول، النمس، رحلة مشبوهة"، وفي سنواته الأخيرة ابتعد عن السينما واكتفى بالوجود على شاشة التلفزيون، فقدم مجموعة من المسلسلات الاجتماعية الناجحة منها "باب الخلق وأبو هيبة" وكان آخرها "رأس الغول" عام 2016. استطاع الساحر أن يقدم كل الألوان الفنية بأسلوب رشيق وبعيد عن التكلف، قدم دور الفتى الرومانسي واللص والجاسوس والضابط والشيخ الكفيف، وبرع في كل شخصية تقمصها وكل دور تحمس له.