وجّه عدد من المتدخّلين في ندوة احتضتنها العاصمة اليوم إنتقادات حادّة للحكومة بسبب سياستها التي وصفوها بالفاشلة في إدارة الأزمة الاقتصاديّة.
وحمّل ثلّة من خبراء الاقتصاد البارزين الحكومة المسؤوليّة عما تشهده البلاد من تراجع غير مسبوق للاقتصاد الوطني لا سيما في ما يتعلّق بإنزلاق الدينار وتضاعف نسبة التضخّم وإنهيار القدرة الشرائيّة.
''نسبة المديونيّة فاتت المستوى المسموح به''
وقال الخبير المالي معزّ الجودي أنّ الوضع اللإقتصادي صعب للغاية. وتطرّق إلى ملفّ المديونيّة حيث أبرز أنّ معدّلاتها كانت قبل 2011 في حدود الـ40% من ناتج المحلّي الخام حيث اعتبر أنّ الدولة كانت متحكّمة في هذه النسب وقادرة على تسديدها في الوقت كما أنّها جملة القروض كانت موجّهة نحو الاستثمار وتمويل المشاريع.
أمّا اليوم فقد وصلت إلى 77% من ناتج المحلّي الخام وهو يُعدّ رقما مخيفا لا سيما وأنّ هذه التمويلات مخصّصت للمصاريف العموميّة من نفقات الدولة إلى الأجور لا لإنجاز مشاريع جديدة أو تحسين بنية تحتيّة. وعليه بات مؤكّد حسب تشخيص الوضع الاقتصادي للجودي أنّ تطوّر نسب المديونيّة رهيب وذو نسق سريع في حين أنّ توظيفها اعتباطي وغير رشيد.
أمّا المعضلة الأخرى، فهي متعلّقة بعبء خدمات الدين، حيث تُقارب النسب في قانون ماليّة 2019، 9 مليار دينار من مجموع ميزانيّة لا تفوت الـ40 مليار دينار علما وأنّ هذه الخدمات تُدفع في مجملها من العملة الصعبة في وقت يعلم الجميع أنّ الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة في تراجع مفزع.
وأبرز الخبير الجبائي لسعد الذوادي أنّ المديونية مرتبطة بالعديد من العناصر ومن أهمّها تفريط الدولة، بصفة متعمّدة، في مواردها وبيّن أنّ التقارير الصادرة على الجهات المانحة والمقرضة، على غرار منظّمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي تثبت هذه الحقائق المزعجة.
وهو ما يلاحظ من خلال حجم التهربّ الجبائي وأيضا من خلال الثغرات التشريعيّة التي تمّ الإبقاء عليها والتي لا تزال تحمي مبيّضي الأموال ومقترفي الجرائم الجبائيّة وفي صدارة هذه القوانين، سقوط الحقّ بمرور الزمن في آجال وقتية وجيزة بالمقارنة مع الدول التي تحارب فعلا الفساد.
وأكّد المتحدّث أنّ الفساد ينخر المنظومة الجبائيّة واستشهد في هذا السياق بتقارير دائرة المحاسبات وبالعديد من المحاضر التي وقع غضّ النظر عليها والتي تتعلّق بشتى أنواع الجرائم الماليّة التي، حسب تقديره، يرعاها ''الماسكون بالسلطة''.
مغالطات وسوء تأويل للأرقام
أمّا النائب محمد الفاضل بن عمران، فلقد بيّن أنّ المسؤوليّة مشتركة في خصوص تحمّل أسباب استفحال المديونيّة وأرجع هذا أساسا لعدم مقدرة الطبقة الحاكمة على تسيير دواليب الدولة منذ سنة 2012.
وصرّح أنّ نسبة الدين الخارجي توازي اليوم الـ94% ويتوقّع صندوق النقد الدولي أنّ يصل هذا الرقم إلى 104% كما أفاد أنّ نسبة المديونيّة العموميّة ستصل إلى حدود الـ83% في أواخر 2019 وهي تعدّ أرقاما مروعة بما أنّ نسب الدين تتفاقم كلّما تهاوى الدينار التونسي.
وانتقد النائب ببرلمان الشعب ما جاء على لسان رئيس الحكومة مؤخّرا فيما يتعلق بالعجز في الميزانية الذي بلغ حسب الشاهد 3.9% واعتبر هذا المؤشّر مغالطة وسوء تأويل للأرقام وتوظيفا لإنجازات واهية.