تونس: أسئلة مشروعة حول جدوى فورملا 1 في ظل اقتصاد مهترئ

في تسلسل غير منطقي لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس رصد المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (FTDS ) عزم الحكومة التونسية على بعث مجمع الفورمولا 1 المتكامل المزمع انجازه في منطقة السلوم بين سوسة والحمامات، على بعد 10 كم من مطار النفيضة و80 كم من العاصمة.. وسرد المنتدى تساؤلات مشروعة حول مدى الجدوى والاستفادة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من هذا المشروع العملاق.

وقال بيان صحفي نشره المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية نشره على موقعه الرسمي على الانترنت، أن الفورمولا 1 رياضة مكلفة للغاية كما يتعين على الدولة التي ترغب في تنظيم سباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 أن تدفع ثمناً باهظاً لتسجيلها في قائمة الدول المترشحة، ولاستقبال هذه التظاهرة دون دفع، تتوفر عدة خيارات لتونس: التفاوض مع المنظمين لخفض السعر، توفير الأراضي لإقامة المشروع مجانا مع التكفل بالبنية التحتية اللازمة أو التنازل عن المداخيل المتأتية من بيع التذاكر (وهو المبلغ الأكثر أهمية) مع الاستفادة من الديناميكية التي يخلقها هذا الحدث.

وبالتالي - حسب المنتدى- فأياً كان الخيار المتخذ فإن احتمال أن تكون تكلفة هذا المشروع عالية على خزينة الدولة وارد جدا.

كما تساءل المنتدى عن الجدوى من المنشئات السياحية بعد انتهاء الفورملا وقال" ستشهد الفنادق والمطاعم والكازينوهات والمواقع الأخرى المخصصة للترحيب بمحبي هذه الرياضة إقبالا كبيرا في اليومين أو الثلاثة أيام من السباق تليها فترة ركود وفراغ".

"كما الشقق والفيلات الراقية الموجودة في هذا الموقع بجانب البحر وعلى مقربة من المطار سيتم عرضها بأسعار مرتفعة للغاية، مما قد يشكل مشكلة من حيث بيعها أو تأجيرها."" وأضاف" لذلك فإن السؤال حول النجاعة الاقتصادية لهذا المشروع الضخم يطرح نفسه بإلحاح حيث أن تداعياته على السياحة والاقتصاد تظل مقصورة على فترة انعقاد الجائزة الكبرى، مما قد يتسبب في تعطل المشروع وفشله بعد سنوات قليلة".

أما على المستوى البيئي قفال المنتدى أن المشروع سينتصب في منطقة ساحلية جنوب الوطن القبلي، على أراضي أغلبها دولية يعبرها نهر وتحتوي على بعض الزراعات، وبالتالي وجب التنبيه إلى الآثار الجانبية الممكنة لهذا المشروع على البيئة ومكونات المنظومة البيئية ككل.

وتعرض المنتدى إلى الشواطئ الجنوبية لنابل وتدهور وضعيتها وانحسارها المتواصل بسبب العامل البشري والتوسع المتواصل للمركبات السياحية، كما أن سبخة سيدي خليفة تقع على بعد أقل من 2 كم من الموقع مما من شأنه أن يخل بالتوازن الايكولوجي بين السبخة والبحر.

وأشارإلى أن طاقة الاستيعاب الإجمالية للفنادق تقدر ب 2000 سرير ينضاف إليها متسوغو الشقق والفيلات.

كما أضاف أن رياضة السيارات تعد مصدرًا رئيسيًا لغازات الاحتباس الحراري، ويرجع ذلك إلى سيارات الفورمولا 1 التي يبلغ استهلاكها للوقود كمية قياسية تقدر بحوالي 75 لترًا لكل 100 كيلومتر.

بالإضافة إلى ذلك، دائما حسب المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، يستقطب سباق الجائزة الكبرى عدة آلاف من المشجعين كل عام، فعلى سبيل المثال تم بيع 25000 تذكرة سنة 2017 بمناسبة سباق الفورمولا 1 في أذربيجان، وعليه، يتوجب النظر إلى وجود هذا العدد الكبير من الأشخاص في نفس المكان لبضعة أيام من منظور بيئي (الاستهلاك والنفايات والتأثير على الشاطئ، والبصمة الكربونية…)

بالإضافة إلى تلوث الهواء والضوضاء الناجمة عن محركات السيارات. وعلى المستوى الاجتماعي، يقول المنتدى أن المشروع يوعد بخلق 2500 موطن شغل فني عالي الكفاءة في صناعة السيارات و15000 عمل موسمي. ويتعين دعم هذه الوظائف الموسمية ومحاولة جعلها قارة إلى ما بعد سباق الجائزة الكبرى، وهو ما يعني ضرورة العمل على خلق أنشطة دائمة وديناميكية قارة على مدار السنة.

متسائلا في هذا الإطار عن الصيغة التي تخطط مدينة الفورمولا 1 لاعتمادها من أجل ضمان استقبال مستمر للسياح والزوار وتحقيق المردودية الاقتصادية المنشودة التي تكفل بدورها مواطن شغل آمنة؟

وعلى ضوء كل هذه العناصر دعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى نشر دراسات الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لهذا المشروع، إن وجدت.

وطالب بمشاركة حقيقية وفعالة من مختلف الخبراء والمختصين للهياكل الوزارية المعنية من أجل تقييم شامل لنجاعة هذا المشروع قبل إسناده الترخيص النهائي (وزارة البيئة والشؤون المحلية، وزارة الاقتصاد، وزارة السياحة، وزارة الشباب والرياضة).

ونوه بأن الأراضي التي سيقام عليها المشروع ليست كلها تابعة لأملاك الدولة ويحذر من استنزاعها من مالكيها بدعوى المصلحة العامة. كما أن دراسة إنجاز المشروع تنص على إمكانية التخفيض في قيمة هذه الأراضي إلى النصف[3] لتمكين المضيف من استقبال الحدث بتكلفة منخفضة.

كما أعلنت المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية استغرابه من المفارقة التي تظهر في التوجه الاستراتيجي لوزارة السياحة بين الترويج مؤخرا للسياحة البديلة والبيئية والحماس المعلن لصالح مشروع السياحة الرياضية هذا والذي يتناقض تماما مع مفهوم السياحة الخضراء.

واستنكر المراهنة على قطاعات هشة على غرار الفورمولا 1 الذي لم يثبت نجاعته في بلدان أخرى (البحرين، فرنسا …) بالنظر إلى عدم استقرار مردوديته وانخفاضها من سنة إلى أخرى.

كما ندد بتعنت الحكومة الحالية في المضي قدمًا في مثل هذه المغامرات التي يمكن أن تكون مكلفة للاقتصاد التونسي الذي يمر بفترة حرجة لا مجال فيها للرهانات، رياضية كانت أو غيرها.

وكان وزير السياحة والصناعات التقليدية قد اجتمع يوم 22 سبتمبر2020 مع السيد الشاذلي زويتن، رئيس نادي السيارات التونسي وعضو الاتحاد الدولي للسيارات، حول مشروع مجمع الفورمولا -1.

ووفقًا لدراسة التنفيذ الخاصة به، يتكون مشروع مدينة تونس ريسينغ F1 من مجمع رياضي متكامل محاط بوحدات فندقية وترفيهية فخمة على غرار فندقين من فئة 5 نجوم، وفندق 7 نجوم، و8 مطاعم عالمية (صينية، لبنانية …) ومنطقة سكنية تضم 60 فيلا و600 شقة مطلة على البحر. وسيحتوي هذا المركب ايضا على كازينو وملعب جولف ومركز تسوق كبير بميزانية تقدر بنحو 1.218 مليار دينار. وستقوم شركة الاستثمار البريطانية Bitrage Investments Ltd على مساحة 300 هكتار بتمويل هذا المشروع بمساهمة من الحكومة التونسية لا تزال قيمتها غير واضحة، حيث أن المعلومات المتوفرة بخصوص تمويل هذا المشروع قليلة

Sat Lights

شارك في نشرتنا الاخبارية واحصل على صور حصرية & ورسالتين اخباريتين كل شهر