كانت البداية مع فرقة برزخ بعناصرها الثمانية الذين استقبلهم جمهور شبابي بهتافات وطاقة عالية برزخ فرقة موسيقية تجمع ثلة من الفنانين هم نزار مهذبي وهيثم مهبولي على الغيتار وسامي خوجة على باتري وعزيز بن يوسف على الباص وسامي مهبولي إيقاع وغسان حريق غناء، شكل ظهورهم الأول سنة 2006، كفرقة روك وميتال تونسية علامة فارقة في الإنتاج الموسيقي والفني عموما في تونس. بكلمات من العامية التونسية ونسيج من الإيقاعات العربية والغربية والصحراوية وبها خلقت لنفسها بصمة خاصة وطابعا موسيقيا متفردا.
طوال مدّة العرض رددّ الحضور الذي كان شبابيا في أغلبه، أغاني برزخ القديمة والجديدة من بينها "صحراء" و"أرض" و"بلاد العميان" و "من نار"... كان لهذه الأغاني وغيرها تأثير واضح على الحضور الذي تابع العرض واقفا متحمسا يرتفع نسق تفاعله مع بداية كل أغنية، وقد بلغ هذا التفاعل أوجه مع أغنية "حل البيبان" الباعثة على الأمل وحب الحياة والتمسّك بالحلم مهما كانت الصعاب.
لم تكتف الفرقة بتأجيج حماس الجمهور بالموسيقى فقط بل كان للتأثيرات الصوتية والبصرية دور هام إذ شكل كل منهما فسيفساء اجتمعت لتخلق صورة مبهرة ولافتة للأنظار (من خلال مشاهد الفيديو على شاشة عملاقة تصدرت آخر الركح) زادتها رقصة الدراويش التي أداها شابان على طقسا خاصّا وحالة إبداعية خارجة عن المألوف في جمعها بين عالمين، موسيقى الروك الغربية ورقصة الدراويش الصوفية الشرقية. وهو ما يؤكد انفتاح مجموعة برزخ على مختلف الأنماط الفنية كما أشار المغني الرئيسي للفرقة غسان حريق وعازف الغيتار نزار مهذبي خلال الندوة الصحفية التي تلت العرض.
غادرت برزح المسرح بعد عرض لم يتجاوز ساعة من الزمن على وقع تصفيق حار وهتافات عالية لجمهور مرّرت له هذه المجموعة الكثير من الطاقة الإيجابية ليفسحو المجال لفرقة ثانية هي كارطاغودز وإن كانت عناصرها مختلفة إلا أنهما تلتقيان في نفس النمط الفني والرسالة التي من أجلها اختارتا هذا الدرب. بصوت انبعث من خلف الكواليس خاطب المغني الرئيسي للفرقة "مهدي خماخم" الجمهور لكي يبعث فيهم والحماس ويزيد من عنصر التشويق.
كرطاغودز هي واحدة من أوائل فرق الميتال في تونس برزت سنة 1990. هم من رواد الهيفي ميتال وتعتبر أقدم فرقة ميتال موجودة في البلاد، تتكون من طارق بن ساسي على القيثارة وأيمن بن حامد على الطبل ومهدي خماخم في الغناء وياسين بلغيث على القيتار باص وتيمو سومرز على القيتار.
أشعلت الفرقة طوال مدة العرض الحماس وروح الميتال في نفوس الحاضرين حيث كان هناك تواصل وانسجام واضح بين الجمهور والمجموعة. عزفت الفرقة مجموعة من أغانيها الشهيرة التي كانت باللغة الانجليزية مثل The Rebirth II، At last Sight، The memories of never ending pain والتي رأينا فيها عازف الغيتار تيمو سومرز في حالة من الانسجام التام تعكس تأثير الموسيقى على هذا الفنان وعلاقته بألته.
تحدث فنانو برزخ وكرطاغودز إثر العرض في لقاء جمعهم بالصحفيين عن سعادتهم بالفرصة التي أتيحت لهم لتقديم حفل على أعرق المسارح واعتبروها تتويجا هاما ونقطة مضيئة في مسيرتهم كما تحدثوا عن موسيقاهم وخصوصيتها والرسالة التي يحملونها والمتمثلة في التعبير عن القضايا الإنسانية بأسلوب فني وموسيقى ملتزمة تساهم في نشر الوعي المجتمعي والفكر التنويري. ساعتان على مسرح قرطاج كانتا كفيلتان بأخذ الجمهور في رحلة فنية استثنائية لن ينساها، رحلة متحركة ومتموّجة نسقها سريع وسقفها عال كطموح هؤلاء الفنانين المنسجمين فكرا وفنا.