في أيام قرطاج السينمائية 2018، تشارك تونس بثلاث أفلام روائية طويلة وتحضر كل من المغرب وكينيا بشريطين سينمائيين فيما تتوزع بقية الأفلام بين أعمال سينمائية عربية وافريقية. في أدغال "كيفو" بالكونغو يجد كل من الرقيب كزافيي بطل الحرب الروندي والجندي فاوستن، الذي لا يملك أية تجربة، نفسيهما على أراضي العدو.. يخسر كزافي وفاوستن كامل أعضاء الكتيبة ويبقيان وحيدين دون زاد، في الأدغال الكونغولية، الأخطر في العالم..
هذه الأحداث يشاهدها جمهور أيام قرطاج السينمائية 2018 في الفيلم الروندي" La Miséricorde de la Jungle " وذلك في عرضه الإفريقي العربي الأول ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة.. في هذا العمل السينمائي يواصل جويل كاريكيزي طرح القضايا الحارقة لإفريقيا والتي كانت حاضرة منذ فيلمه القصير الأول "العفو". في مسابقة الروائي الطويل لأيام قرطاج السينمائية 2018 يحضر كذلك فيلم "لعزيزة" في عرضه العالمي الأول والذي يتجدد خلاله حضور الأم في عمل من السيرة الذاتية للمخرج محسن بصري صاحب "المغضوب عليهم" الفيلم المتوج بأكثر من جائزة منها جائزة نجيب محفوظ لأحسن فيلم عربي بمهرجان القاهرة السينمائي.
صادفت "ماشيري إكو باهانغ" في طريقها شخوصا، كانت دافعها لتكتب وتخرج أولى تجاربها الروائية الطويلة عن أطفال الشوارع "ماكيلا". فيلم "ماشيري إكو باهانغ" القادم من جمهورية الكونغو الديمقراطية قدم عرضه العالمي الأول في "برلينالي" يصور حياة "ماكيلا" 19 عاما والتي تعيش في الشارع منذ سن 13، تزوجت من مبينغازور، الذي دفعها إلى ممارسة البغاء والسرقة وتعاطي المخدرات لكن بعد فترة تتمرد "ماكيلا" على واقعها..
عن الراهن الاجتماعي الإفريقي تدور كذلك أحداث فيلم "رفيقي"، أول فيلم كيني يقع اختياره للمشاركة في مهرجان كان السينمائي 2018 وذلك في "قسم نظرة ما" والذي يتوج شراكة بين دول الجنوب (إنتاج مشترك بين كينيا وجنوب إفريقيا). "رفيقي" الممنوع من العرض في كينيا (عرض لأسبوع واحد بإذن قضائي حتى يتمكن من المنافسة على ترشيحات الأوسكار) يتناول بالطرح العلاقة الجنسية في مجتمع كيني محافظ. هذا الفيلم المقتبس عن رواية "Jambula Tree" للكاتبة الأوغندية مونيكا لارك من إخراج وانوري كاهيو، التي سبق وحصد فيلمها القصير الأول "بومزي" التانيت الفضي للأفلام القصيرة بأيام قرطاج السينمائية 2010 كما عرض في مهرجان صاندانس السينمائي ونالت عليه الجائزة الأولى في مهرجان السينما المستقلة في كان وجائزة "شينا دي فانيسا" في البندقية 2010. يضطر لطفي المقيم في مارسيليا للعودة إلى تونس حتى يعتني بابنه الذي يعاني من التوحد..
هي حكاية رجل فقد الروابط، ويسعى لترميمها في رواية اجتماعية إنسانية يصورها صاحب "باستاردو" المخرج التونسي نجيب بالقاضي في رابع أفلامه، "في عينيا"، الذي قدم عرضه العالمي الأول في الدورة 43 لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي. المخرج الجزائري مرزاق علواش، الذي سبق وتحصل على التانيت الذهبي في مناسبتين ("عمر قتلاتو رجلة" 1978 و"سلاما يا ابن العم" 1996) يعود لأيام قرطاج السينمائية 2018 بفيلم أبيض وأسود "ريح رباني" يسبر خلاله أعماق الحياة النفسية المضطربة لأمين الشاب، الذي كان قبل لقاء الجهادية "نور" يقضي وقته في قراءة القرآن والصلاة فتحوله هذه العلاقة من مشروع "جهادي" إلى عاشق يختار الموت حبا في "نور" لا دفاعا عن أفكار "إخوانه الجهاديين"..
ينافس المغرب بفيلم ثاني في مسابقة الروائي الطويل وهو "صوفية"، العمل المتوج في مهرجان كان 2018 بجائزة السيناريو لمسابقة "نظرة ما" للمخرجة مريم بن مبارك، صاحبة الفيلم القصير اللافت في بدايتها "جناح" والذي ترشح لأوسكار الفيلم القصير 2015. "صوفية" شابة في العشرين من العمر تلد طفلا خارج إطار الزواج، فيمهلها المستشفى 24 ساعة لتقديم أوراق والد الطفل قبل تنبيه السلطات. بدورها تنافس كينيا بفيلم ثان هو مرشحها للأوسكار 2019 " "SUPA MODA.. عن الفتاة المريضة التي تعيش في نهاية حياتها القصيرة كبطل خارق بفضل عائلتها وقريتها. .
هذا الفيلم، الذي عرض لأول مرة في الدورة 68 لمهرجان برلين السينمائي من إخراج كارين ويناينا صانع الأفلام، الذي يعتبر فيلمه القصير"Between the lines" أول فيلم كيني يتم عرضه على شاشة ايماكس في كينيا ورشح لجوائز 2015AMCVA" وتم اختياره كأفضل الأفلام القصيرة المبرمجة في مهرجان كان السينمائي لسنة 2016. الفيلم التونسي الثاني في مسابقة الروائي الطويل لــ"الجي.سي.سي" 2018 هو فيلم محمد بن عطية "ولدي" .. إذ اختار صاحب جائزة العمل الأول في "برلين 2016 " عن فيلم "نحبك هادي" أن يتناول في طرحه السينمائي التطرف الديني ومعاناة الوالدين بعد أن يقع غسل دماغ ابنهما ويخسران رمز المستقبل بالنسبة إليهما للأبد.. "ولدي" يشاهده جمهور مهرجان قرطاج بعد عرض عالمي أول في "نصف شهر المخرجين"بمهرجان كان السينمائي وجولة في مهرجانات دولية حصد خلالها نجمة الجونة لأفضل ممثل دور أول ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي والجائزة الكبرى لمهرجان السينما المتوسطية في باستيا بفرنسا. أمّا الفيلم العراقي "يارا" الذي كان الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الرسمية لمهرجان لوكارنو السينمائي فهو من إخراج عباس فاضل، الذي سبق له التنافس على جوائز التانيت وذلك بأفلام "العودة إلى بابل"سنة 2002 ، "نحن العراقيون" سنة 2004 و"العراق عام صفر" سنة 2015 ونال بالفيلم الأخير التانيت الفضي في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة.
مشاهد إنسانية تسيطر على الفيلم الطويل الروائي الأول لــ"أبو بكر شوقي"، "يوم الدين".. عن "بشاي" الذي يقرر بعد وفاة زوجته مغادرة "مستعمرة" للمصابين بالجذام وينطلق مع حماره رفقة صديقه "النوبي" الشهير بـ"أوباما" في رحلة في أنحاء مصر بحثا عن عائلته.. "يوم الدين" فيلم عن الأقليات المهمشة في مصر نافس على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي 2018 وتوج بجائزة "فرانسوا شاليه". الفيلم التونسي الثالث في منافسات مسابقة الروائي الطويل هو "فتوى"، العمل الجديد لمحمود بن محمود والذي يناقش التطرف الديني في تونس. "فتوى" عن إبراهيم الناظور، العائد من فرنسا لحضور جنازة ابنه مروان، الذي لقي مصرعه في حادث دراجة نارية.
فيكتشف أن ابنه كان ينشط في خلية إسلامية متشددة.. حقيقة تدفعه للبحث وراءها.. للمرة الرابعة يعود جود سعيد لأيام قرطاج السينمائية وفي دورة 2018 ، يقدم المخرج السوري فيلم "مسافرو الحرب" في عرضه العالمي الأول وذلك بعد مشاركة أولى بفيلم قصير ثم فيلمين طويلين هما "مرة أخرى" و"مطر حمص" في المسابقة الرسمية للمهرجان. "مسافرو الحرب" عن بهاء الذي يتقاعد ويخطط للرحيل من حلب الممزقة بالحرب وخلال الرحلة إلى قريته مع مسافرين آخرين، تدفعهم الاشتباكات إلى التعديل في خط الرحلة ويجد نفسه عالقا مع مجموعة من الشخصيات الغريبة الأطوار يحاولون سويا إعادة الحياة إلى قرية مدمرة وجدوا فيها ملاذهم بانتظار نهاية المعارك فهل ستنتهي ويتنصر بهاء على "الحرب"؟