المعرض الوطني للكتاب التونسي ندوة حول "ترجمة الكتاب التونسي: من؟ ولمن؟"

أسئلة الترجمة كثيرة ومتنوعة وكلها صالحة للطرح إلا أن الشاعر والمترجم آدم فتحي الذي أدار الجلسة حدد محور الحديث من زاوية سؤالين فقط هما من يترجم؟ ولمن نترجم أعمالنا الأدبية والفكرية ؟ أي من يترجم للآخر ومن هو هذا الآخر؟ فعل الترجمة حسب ما ورد في حديث آدم فتحي ظلّ منوطا بعهدة "الآخر" من خلال خططه الاستراتيجية ومؤسساته الحكومية ودور نشره وجامعيّيه ومستشرقيه أو مستعربيه.

ثم برزت في العقود الأخيرة ظاهرة ترجمة الآداب العربية إلى اللغات الأخرى عن طريق العرب أنفسهم، من خلال مراكز حكومية أو جهود فردية وضع جديد يثير بدوره جملة من الأسئلة مثل: "هل يضمن الاختصاص في "اللغة الهدف" -أي المترجم اليها- نجاح المترجم العربي في القيام بهذه المهمة؟ وإلى أي مدى ينجح المترجم سواء كان فردا أو مؤسسة مختصة في الترجمة في إيصال ما يترجمه إلى القارئ الآخر؟ أو أن فعل الترجمة يحتاج إلى التنسيق مع منظومة النشر والتوزيع في بلاد "اللغة الهدف"؟ وقد كان لا بد لآدم فتحي من طرح سؤال آخر لا يقل أهمية عما تقدم وهو: "إذا كانت غايتنا من الترجمة وصول أعمالنا إلى قارئ "اللغة الهدف"، فهل نضمن شيئا من ذلك إذا نحن قمنا بترجمتها "بأنفسنا"، "في بلادنا"، من منطلق ذائقتنا وأولوياتنا، بمعزل عن أولويّات الآخر وذائقته ورغبات قرّائه كما يعبر عنها جامعيوه ونقاده ومترجموه ودور نشره ومسالك توزيعه؟ انطلق المترجم "أيمن حسن" في حديثه عن الترجمة من تجربته الخاصة عندما كان يعجب بنص فيترجمه أو ينقله إلى اللغة الأخرى وقال إن أول كتاب ترجمه لفائدة المعهد الوطني للترجمة كان ديوان "ما أكثر ما أعطي ما أقلّ ما أخذت" للشاعر التونسي محمد الغزّي، الصادر عن منشورات المركز الوطني للترجمة سنة 2009.

ولكن يحز في نفسه أن هذا الكتاب لم ينل حظه في التوزيع والترويج رغم أهميته ويرى "أيمن حسن" أن مسألة التلقي فكريا لا ماديا أهم من الأرقام كلها في زمن اقتصاد السوق والربح، خاصة أن الدولة التونسية رعت هذا المشروع. وقد حاول الإجابة عن أسئلة يراها هو حارقة من منطلق أنه صاحب تجربة طويلة في الميدان وهي لماذا نترجم؟ وكيف نترجم؟ وأشار أيمن حسن إلى أن الترجمة عليها أن تكون منطلقة من المترجم ومن اختياره هو لا على أساس دعوة أي كان أو أي مؤسسة لترجمة أي أثر مهما كانت أهميته.

وأكد على أن البيروقراطية لا يمكن أن تصنع الأدب خاصة أن بعض التجارب الذاتية في الترجمة راجت وخرجت للعالم أكثر من تلك التي ترجمتها المؤسسات ووضح المترجم محمد على اليوسفي أن الترجمة لا يمكن أن تكون مجدية إذا تأسست داخل البلد المعني وقال في هذا الإطار إن أموالا طائلة تصرف على أدباء لا قيمة لأعمالهم لذا فإنها لا تجد القبول والرواج ولا أحد يقرؤها من قراء اللغات التي ترجمت اليها لأن مضمومنها لا يعنيهم ولا يجلب انتباههم. ويرى اليوسفي أن السؤال الأهم هنا هو كيف يصبح أدبنا التونسي مؤثرا في اللغات الأخرى وهل أن الطريقة والأساليب المعتمدة حاليا في الترجمة قادرة على تمكينها من الإشعاع والتأثير؟ وتساءل المترجم جمال الجلاصي -الذي يعتبر أن الترجمة هي دبلوماسية الحضارات- عمن يترجم أدبنا؟ وبأية آليات؟ عن جدوى ترجمة مترجم تونسي لما يكتب باللغة العربية الى لغة أخرى تنشره دار نشر تونسية ويوزع في تونس وقال :"هل نستورد له قارئا من الخارج؟" وأكد وجود نصوص مترجمة خالية من الجودة ولا علاقة لها بالنص الأصلي. لذا وبما أن الترجمة تعني انتقال جزء من حضارة أمة وثقافتها إلى شعوب أخرى، فإنه يرى وجوب فعل ذلك عبر خطة مدروسة واستراتيجية متكاملة تشرف عليها وزارة الثقافة أو من يمثلها.

وأضاف "جمال الجلاصي": "أهم مراحل هذه الخطة: الاتفاق مع مترجمين مرموقين عبر استضافتهم في إقامات إبداعية لترجمة عمل أو أعمال معيّنة وإعداد ورشات ترجمة يشرف عليها مترجمون محترفون واعتماد طريقة تبادل المترجمين والترجمات مع مؤسسات ترجمة في دول أخرى وكذلك الاتفاق مع دور نشر أجنبية لنشر أعمل تونسية مترجمة"

Sat Lights

شارك في نشرتنا الاخبارية واحصل على صور حصرية & ورسالتين اخباريتين كل شهر