تشكّل النساء التونسيات اللاتي تعشن في المناطق الريفية 32% من إجمالي السكان، وهنّ تمثّلن 70% من اليد العاملة الفلاحية في البلاد. وعلى الرغم من ذلك، تتقاضى النساء أجورا أقّل من الرجال بنسبة تناهز 50%، مع ولوج محدود جدّا إلى التغطية الاجتماعية. وأغلب النساء هنّ عاملات بصفة يومية أو موسمية يعملن في أراضي فلاحية ومزارع كبرى، لفائدة أرباب عمل مختلفين. لذلك، تحتاج النساء العاملات في القطاع الفلاحي في تونس اليوم إلى اهتمام كبير وتحسين ظروفهن سواء من حيث الأجر، والأمان أو حتى تلك المرتبطة بالتغيّرات المناخية.
وفي هذا السياق، تمّ خلال شهري جويلية وأوت الجاريين تنظيم حملة توعوية بهدف تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة في المناطق الريفية في ولايات جندوبة والقيروان ولأرباب عملهنّ وذلك من خلال ورشات عمل نظّمتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في إطار البرنامج المشترك لتسريع التقدم نحو التمكين الاقتصادي للمرأة الريفية JP RWEE)، بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، وبرنامج الأغذية العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (FIDA)، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة. وسعت هذه الورشات إلى توعية العاملات بالقطاع الفلاحي بمبادئ العمل اللائق وتمكينهن اقتصاديا، والخروج بتوصيات عملية بناء على واقعنّ المعيش.
وقد تمّ تصميم هذه الورشات بطريقة تشاركية لتعزيز التفاعل بين المشاركات وأرباب العمل مع دمج المناقشات والتمارين العملية ودراسات الحالة لتشجيع تبادل التجارب وبناء القدرات بشكل مشترك. وتمّ اعتماد هذا النهج لضمان مشاركة فعلية للنساء خلال الورشات وتقديم إضافة حقيقية لهنّ من خلال توفير أدوات عملية وتعزيز قدرتهنّ على تطبيق مبادئ العمل اللائق في سياقاتهنّ الخاصة.
تضمّنت التوصيات استراتيجيات لتحسين الوصول إلى الأسواق، وتشجيع المساواة بين الجنسين، وتعزيز المهارات المهنية، وتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية، وتخفيف العبء المنزلي. وإضافة إلى ذلك، فقد تمّ الاتّفاق على إجراءات محدّدة لمكافحة آثار تغيّر المناخ، وتحسين البنية التحتية للنقل، وتعزيز حوكمة الموارد الطبيعية كمبادئ أساسية لدعم تمكين النساء الريفيات.
ولتعميم أثر هذه الحملة، تمّ إنتاج ومضة توعوية تعكس أصوات المشاركات في الورشات ومختلف النساء في الوسط الريفي وهي ثمرة النقاشات العميقة التي جرت خلال اللقاءات معهنّ. لذلك يعكس محتوى الومضة خلاصة تجاربهنّ وآرائهنّ. ويهدف الفيديو التوعوي إلى الوصول إلى جمهور واسع، ليس فقط عبر المنصات الرقمية، بل أيضًا من خلال وسائل الإعلام التقليدية التي تتيح الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص، من أجل تحفيز الوعي الجماعي.
تُعدّ هذه الحملة خطوة مهمة نحو تحسين ظروف العمل والحياة للنساء الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي في تونس ويستلزم ذلك تنفيذ التوصيات المستخلصة بدعم من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.