الفيلم يتناول قصة لميعة، الشابة العراقية التي تُوكل إليها مهمة إعداد كعكة عيد ميلاد صدام خلال فترة الحصار في تسعينات القرن الماضي، في معالجة درامية تعكس الضغوط السياسية والاجتماعية التي أثقلت كاهل المواطنين آنذاك وسط رفاهية يعيشها المقبور وعائلته..وسط هذا الخراب اليومي، تكافح الطفلة لميعة وجدتها للبقاء على قيد الحياة في مزرعة قصب تقع في جنوبي البلاد، وتنطلق برفقة جدتها إلى المدينة، حاملة معها ديكها وما تبقّى لهما من ممتلكات لبيعها، في رحلة عبثية لجمع مكونات باهظة الثمن.
خلال ذلك، يعرّي الفيلم الواقع الاجتماعي والسياسي في العراق التسعيني، كاشفًا عن قسوة الحياة اليومية وعمق الفساد الذي نخر مؤسسات الدولة. وصُوّر الفيلم بالكامل في العراق، ويقدم مشاهد آسرة من الأهوار الجنوبية، تلك المسطحات المائية القديمة التي تُعد مهداً لحضارات ما بين النهرين، والمُدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 2016. لكن هذا الجمال ليس محايداً؛ فالأهوار نفسها كانت هدفًا لحملة تجفيف ممنهجة قادها صدام في التسعينات لإخراج من يعارض سلطة البعث الصدامي المختبئين بين القصب. زبعد سقوطه، أُعيد فتح المياه، ما سمح بعودة الحياة تدريجياً إلى المنطقة، وقد اختار المخرج حسن هادي هذه الخلفية بعناية، ليقول: "الأهوار بقيت، أما صدام فرحل."ومن أجل استحضار العراق كما كان، أولى المخرج وطاقمه أهمية قصوى للتفاصيل: استعانوا بملابس أصلية قديمة، وطلبوا من حلاق محلي قصّ شعر الممثلين الثانويين وشواربهم بما يتناسب مع الحقبة، بل حتى صوّروا أحد المشاهد داخل مطعم صغير يُقال إن صدام كان يتردد عليه. وحسب مراقبين وانقاد واعلاميين أن هذا الحراك السينمائي وهذا الفوز المهم يعكس تحوّل السينما العراقية من حالة التهميش الطويل بسبب الحروب إلى البدء باستعادة دورها في المشهد الثقافي العالمي، مدفوعة بزخم رسمي يتجه نحو الاستثمار في الفنون كوسيلة لتوثيق الذاكرة والانفتاح على العالم... ولا أدل على ذلك سوى اطلاق رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني لمبادرة دعم السينما افتتاح أول جناح رسمي للسينما العراقية في مهرجان كان السينمائي ال78 للمرة الأولى بتاريخه وتاريخ السينما العرقية وبإشراف وزارة الثقافة والسياحة والآثار، ومكتب المستشار الثقافي لرئيس الوزراء، وبالشراكة مع نقابة الفنانين العراقيين ولجنة الحسن بن الهيثم للذاكرة المرئية العراقية وبرعاية نقابة الفنانين العراقيين ـ المركز العام،و IDB مصرف التنمية الدولي،ومنصة 1001، وسينما فوماكس.